التحولات في المكون الشيعي ضمن نظام المحاصصة بالعراق

تمثل الكتلة الشيعية، بكافة أطيافها وتحالفاتها، أكبر قاعدة انتخابية في العراق. لكن نتائج انتخابات 2025 تكشف تحولًا مهمًا، حيث لم يعد البيت الشيعي يتحرك ككتلة واحدة كما كان في انتخابات 2014 أو 2018. بل أصبح يتوزع على أربعة أقطاب رئيسية: شيعي عقائدي، شيعي وطني، شيعي مدني، وشيعي فصائلي، بالإضافة إلى صعود القوائم الوسطية والخدمية. لا يقلل هذا التفتت من حجم النفوذ، لكنه يسحب من القطب الواحد قدرة "الحسم المبكر" في تشكيل الحكومة، مما يجعل أي معادلة سياسية لاحقة رهينة مفاوضات معقدة بين أجنحة متقاربة في الحجم، لكنها مختلفة في الأولويات والتمثيل الاجتماعي.\n\nتنقسم الكتل الشيعية إلى قسمين؛ يمثل القسم الأول القوائم الشيعية الهوياتية أو ذات الطابع العقائدي، التي تتكون من قيادة ومرشحين من المكون الشيعي فقط، في حين يمثل القسم الثاني القوائم الشيعية الوطنية ذات الطابع المدني، التي تتكون من قيادة شيعية ومرشحين من مكونات وأقليات مختلفة.\n\nفي انتخابات 2025، حصلت الكتلة الشيعية على 5,483,465 صوتًا، مما أسفر عن 190 مقعدًا. وقد أسفرت الانتخابات الأخيرة عن هيمنة واضحة للقوائم الشيعية العقائدية التقليدية، حيث تصدر ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي نتائج الانتخابات بعد أن حصل على 706,062 صوتًا و29 مقعدًا. بينما جاءت حركة الصادقون في المركز الثاني برئاسة قيس الخزعلي بعدد 674,031 صوتًا و27 مقعدًا.\n\nأما منظمة بدر بقيادة هادي العامري، فقد حصلت على 535,592 صوتًا و18 مقعدًا، فيما نال تحالف قوى الدولة الوطنية برئاسة عمار الحكيم 505,727 صوتًا و18 مقعدًا، مما يعكس التأثير المستمر لهذه القوائم الكبرى على المشهد الشيعي.\n\nبالنسبة للقوائم المتوسطة، فقد حصل ائتلاف الأساس العراقي على 8 مقاعد مع أكثر من 285 ألف صوت، فيما حققت إشراقة كانون نفس العدد من المقاعد مع حوالي 192 ألف صوت. في حين حصلت حركة حقوق على 6 مقاعد، وتحالف خدمات على 5 مقاعد.\n\nتظل الفصائل المسلحة من أقوى التيارات داخل المكون الشيعي، حيث حصدت 68 مقعدًا في مجلس النواب عبر كيانات سياسية مستقلة، بينما حققت 43 مقعدًا أخرى عبر تحالفات كبرى، ليبلغ إجمالي مقاعد الفصائل ما يقارب 111 - 112 مقعدًا.\n\nتظهر القوائم الوطنية كأحد المفاجآت الأكبر في انتخابات 2025، حيث كسرت ثنائية الاصطفاف الهوياتي التقليدي، وقدمت نفسها كبديل سياسي قائم على البرامج والخدمات. تصدرت هذه القوائم ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة محمد شياع السوداني، الذي حصل على 1,290,815 صوتًا و46 مقعدًا.\n\nيبرز تحالف تصميم في البصرة كأحد التحالفات المحلية الناجحة، حيث حصل على 170,385 صوتًا و6 مقاعد. كما حققت تحالفات أخرى مثل الفاو–زاخو والقضية الإيزيدية نتائج إيجابية، بالرغم من عدم تجاوز بعضها العتبة الانتخابية.\n\nيشكل المكون الشيعي الركيزة الأساسية في النظام السياسي العراقي منذ 2003، حيث يشغل عادة رئاسة الوزراء وأماكن نفوذ واسعة داخل مجلس النواب والوزارات السيادية. ومع ذلك، يعاني من تشرذم داخلي بين التيارات المختلفة، مما يضعف من قدرته على تشكيل حكومة موحدة. في المجمل، يحدد الانقسام الحالي بين الأقطاب الشيعية قدرة أي طرف على حسم تشكيل الحكومة منفردًا، مما يجعل المشهد السياسي قائمًا على مفاوضات معقدة.

2025-12-28 19:15:26 - مدنيون

المزيد من المشاركات