الإطار التنسيقي الشيعي: التحولات، الأدوار، والتحديات

برز "الإطار التنسيقي" كأحد أبرز التجمّعات السياسية الشيعية في العراق بعد انتخابات تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث اتخذ شكل منصة تنسيق سياسي–تفاوضي تهدف إلى إعادة تنظيم موازين القوى داخل البيت الشيعي وإدارة استحقاقات تشكيل الحكومات. جاء ذلك في مرحلة اتسمت بتفكك المشهد البرلماني والصراع المحتدم على مفهوم "الكتلة الأكبر".\n\nتشكّل الإطار التنسيقي تدريجيًا عبر سلسلة من اللقاءات والتنسيق بين قوى شيعية فاعلة، استجابة لمحاولة احتواء تداعيات الاحتجاجات في تشرين 2019 واغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. تم تجسيد الإطار فعليًا في آذار/مارس 2021، قبل أشهر من الانتخابات، من خلال اجتماعات ضمّت قيادات شيعية بارزة، مثل نوري المالكي وهادي العامري وعمار الحكيم.\n\nكان الدافع الرئيس لتشكيل الإطار هو مواجهة تداعيات نظام الدوائر المتعددة والنتائج الانتخابية التي أضعفت أحزابًا شيعية تقليدية، مع تحول الإطار إلى مظلة تفاوضية تهدف إلى توحيد الموقف الشيعي ومنع الانقسام الحاد الذي قد ينعكس على الاستقرار السياسي.\n\nيتكون الإطار من مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية الشيعية، أبرزها: ائتلاف دولة القانون، تحالف بدر، تحالف قوى الدولة، وتحالف النصر. كما يضم شخصيات مستقلة تشارك في التنسيق دون انضواء حزبي صريح.\n\nلعب الإطار التنسيقي دورًا محوريًا في العملية السياسية منذ انتخابات 2021، حيث مكّنته قدرته على تجميع قوى شيعية متفرقة داخل البرلمان من امتلاك نفوذ سياسي كبير، خاصة بعد انسحاب التيار الصدري الذي أعاد رسم موازين القوى داخل المجلس النيابي.\n\nتتباين مراكز النفوذ داخل الإطار، حيث يُعتبر محور محمد شياع السوداني الأكثر ثقلًا، بينما يُنظر إلى نوري المالكي كممثل لما يُعرف بـ "الدولة العميقة". كما يضم الإطار فصائل مسلحة تتراوح بين الاندماج السياسي والتنظيمي والاستقلالية الجزئية.\n\nتتسم علاقات الإطار التنسيقي الخارجية بطابع براغماتي، حيث تتعاون القوى المختلفة مع إيران والولايات المتحدة ودول الخليج وتركيا، مما يعكس سعيها إلى تحقيق توازنات إقليمية.\n\nوفي إطار المستقبل، يمكن تصور عدة سيناريوهات، منها: استمرار التماسك كمنصة تنسيق فاعلة، حدوث انقسام ناعم مع تباينات داخلية، أو إعادة صياغة داخلية عقب الانتخابات المقبلة.\n\nبالمجمل، يمثل الإطار التنسيقي انعكاسًا لتحوّلات النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، حيث نجح في ترسيخ موقعه كفاعل رئيسي في معادلة الحكم، لكن استمراريته تتطلب تحوّله من مظلة تنسيقية ظرفية إلى مشروع سياسي متكامل.

2025-12-26 22:15:25 - مدنيون

المزيد من المشاركات