تقرير يحذر من تأثير الفساد والوظائف والنفط على مستقبل العراق المالي

كشف معهد لدراسات الشرق الأوسط عن التحديات الكبيرة التي ستواجه الحكومة العراقية المقبلة، مشيرًا إلى أن الفساد المتجذر، والقطاع العام المتضخم، والاعتماد شبه الكامل على أسعار النفط، تشكل ثلاثية ضاغطة تعيق أي إصلاح محتمل.\n\nوذكر المعهد في تقريره أن "الحكومة المقبلة ستواجه ثلاثية ضاغطة: فساد متجذر يوفر للأحزاب موارد ضخمة ويصعّب المساس بشبكات المحاصصة، وقطاع عام متخم يلتهم الجزء الأكبر من الموازنة ويقيّد أي محاولة لإعادة الهيكلة، واعتماد شبه كامل على أسعار النفط في سوق عالمية لا يمكن التنبؤ بها".\n\nوأوضح أن "هذه الأضلاع الثلاثة ستحدد قدرة الحكومة الجديدة على التحرّك، المرتبطة بمدى استعداد القوى السياسية للموافقة على قرارات مؤلمة شعبيًا، مثل ضبط التعيينات وكبح الهدر، مقابل فتح مسار مختلف لبناء دولة خدمات ومؤسسات، لا دولة رواتب فقط".\n\nوأشار إلى أن "صورة الحكومة العراقية المقبلة تتداخل في معادلة معقدة، حيث الفساد المتجذر أصبح نمط حكم، وقطاع عام متخم بمئات الآلاف من الوظائف الجديدة، واقتصاد مرتهن لسعر نفط يجب أن يقترب من 90 دولارًا للبرميل كي تبقى الموازنة واقفة دون عجز يتضخم عامًا بعد عام".\n\nوأضاف أن "هذه العناصر تجعل فرص أي حكومة جديدة في كسر الحلقة محدودة جدًا، ما دامت خرجت من رحم الأحزاب التي صنعت هذا الواقع".\n\nورأى المعهد أن "الفساد في العراق لم يعد حالة عابرة بل نمط راسخ يسيّر عمل البيروقراطية الحكومية"، مشيرًا إلى أن "الأحزاب المهيمنة تتعامل مع الوزارات كملكيات خاصة، تُستخدم لاختلاس الأموال أو لتوزيع الوظائف والعقود على شبكات المؤيدين".\n\nبين التقرير أن "نتائج الانتخابات وتشكيلة الحكومة المقبلة لن تُحدث تغييرًا حقيقيًا في ملف الفساد، لأن القوى التي تتقاسم السلطة اليوم هي نفسها التي صاغت قواعد اللعبة بعد عام 2003 وتملك مصلحة في استمرارها مع بعض التعديلات الشكلية عند الحاجة".\n\nوتناول التقرير "موجة التوظيف الواسعة في القطاع الحكومي خلال السنوات الأخيرة، والتي أضافت قرابة 700 ألف موظف جديد، مما رفع إجمالي العاملين في القطاع العام إلى نحو 4 ملايين موظف".\n\nوأفاد التقرير بأن "هذا التوسع، الذي استُخدم كأداة لامتصاص الغضب الشعبي، أصبح اليوم عبئًا ماليًا ثقيلًا على أي حكومة مقبلة، حيث إن التراجع عنه يعني صدامًا مع قاعدة اجتماعية واسعة تعتمد على رواتب الدولة".\n\nوأشار إلى أن "سياسة دولة الوظيفة جعلت باب الرواتب والأجور واحدًا من أكثر أبواب الإنفاق تضخّمًا، ليقترب من نحو 40% من إجمالي الإنفاق الحكومي، في حين تبقى موازنات الاستثمار والخدمات محدودة".\n\nوخلص التقرير إلى أن "الدولة، بهذه التركيبة، تعمل بمنطق دفع الرواتب أولًا، ثم التفكير بكل شيء آخر لاحقًا، مما يعني اختناقًا ماليًا عند أي هزة في أسعار النفط".\n\nكما أشار التقرير إلى أن "سعر التعادل الذي تحتاجه الموازنة العراقية لتغطية التزاماتها بدون اقتراض يقترب من 90 دولارًا للبرميل، بسبب تضخم كتلة الرواتب وزيادة الإنفاق الجاري". وحذر من أن "أي فترة مطوّلة من انخفاض الأسعار ستدفع الموازنة نحو عجز أعمق، في ظل غياب إصلاحات جذرية تخفف الاعتماد على النفط".\n\nوتساءل التقرير: "هل القوى التي استفادت من هذا النموذج المالي قادرة على تفكيكه، أم أن الحكومات المقبلة ستكتفي بإدارة الأزمة وتأجيل الانفجار؟".

2025-12-26 08:45:27 - مدنيون

المزيد من المشاركات